السبت، 20 مارس 2010

الطريقه القادريه المكاشفيه

الطرق الصوفية على العموم مدارس واضحة المعالم لكل ذو بصيرة نافذة و عقل منير وذوق رفيع ، أنشأها علماء ربانيون سالكون طريق المصطفى صلى الله عليه وسلم ، قائمون بأمره ، مرادهم إرشاد العباد إلى طريق مولاهم ، و غاية سالكيها السير للوصول إلى معرفة الله على نهج رسول الله صلى الله عليه وسلم.والطريقة منهج سلوكي تربوي يدل و يهدي إلى سبيل الرشاد غايته تزكية النفوس و السمو بالأرواح إلى مدارج سير الكمال و إدراك مقام الإحسان وهو منهج يقترن فيه العلم بالعمل قائم على كتاب الله و سنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم وأصوله التوبة والخوف والرجاء والحزن والقناعة والزهد والورع والتوكل والصبر والشكر ومجاهدة النفس والرضاء بالقضاء وترك الإلتفات لأحوال العباد وآداء الحقوق.وهي طريق معلوم لدى سالكيه يرشدك ويدلك وينير لك مسالكه و دروبه شيخ عارف بالله خبير بطب القلوب ، و يتم الانتماء إليها بأخذ العهد و قد قال الله تعالى " الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش الرحمن فأسأل به خبيرا " الفرقان 59 ، وقال تعالى" أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده قل لا أسالكم عليه أجراً إن هو إلا ذكر للعالمين" الأنعام 90 وقال تعالى " قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمني مما علمت رشدا" الكهف 66 ، و الانتماء للطريقة يعني الالتزام بكتاب الله و سنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم إذ أنها في حد ذاتها مستمده من الكتاب والسنة .وفي الطرق الصوفية تجد الصحبة الصادقة التي لها أثر عميق في أخلاق المرء وسلوكه إذ أن الصاحب يتأثر بصفات صاحبه ،و الإنسان إذا اختار صحبة أهل الإيمان والتقوى و الاستقامة فلا يلبث أن يقتدي بهداهم و يسمو و يرتفع إلى أوج علاهم و في الحديث قال صلى الله عليه وسلم (الأرواح جنود مجنده ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف).وقال الشاعر إذا كنت في قوم فصاحب خيارهم ولا تصحب الأردى فتردى في الردى عن المرء لا تسأل و سل عن قرينه فكل قرين بالمقارن يقتدي
و الطريقة المكاشفية هي إحدى هذه الطرق الصوفية أرسى قواعدها ووضع أساساها و بين أصولها و آدابها للسالكين قولاً وعملاً الشيخ العارف بالله عبد الباقي المكاشفي وكذا بين لوازمها و بين طريقة الإتباع. وقد ألف الشيخ لسالكي هذه الطريقة خاصة ولعموم الناس عامة مؤلفات في كل ما يحتاجون إليه من علوم التوحيد والفقه و التصوف كي يتعلموا أمر دينهم قال تعالى " وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ، ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون " التوبة 122. ومنذ نشأتها عام 1311 هـ حتى يومنا هذا هي منارة للإرشاد بفضل الأستاذ الشيخ المكاشفي رضي الله عنه الذي علم القرآن وعلوم الشريعة و أرشد العباد ودل على طريق الله القويم و أقام المساجد و الخلاوي وكذلك بفضل أبنائه الأبرار الوارثون علومه وتلاميذه الأكابر الذين صدقوا مع الله فعرفوا سبل الوصال. الطريقة المكاشفية لها دور ثابت و فعال في نشر الإسلام في بقاع الأرض المختلفة والفضل في ذلك يرجع إلى نهج الطريقة الذي يعي الواقع و يواكب حركة الإيقاع الدعوى العالمي و الذي يتفهم ما تتطلبه الدعوة من وسائل حتى تنفذ إلى أبعد مكان ، ذلك النهج الذي تذوب فيها النظرات العرقيه وتتلاشى فيه الحواجز و الفرو قات الاجتماعية بفضل تعاليمها وآدابها المستمدة من الكتاب والسنة .
ولأنها تدرك تماماً أن العمل الدعوى هو عمل الأنبياء والمرسلين ربت الطريقة أبناءها و تلاميذها واعدتهم إعدادا ً تاماً ليقوموا بأعباء الدعوة و نشر الإسلام و ربتهم على الصبر والمثابرة وعلى تحمل الأذى والبلايا الناتجة عن اختلاف المفاهيم وأورثتهم الحكمة وزودتهم بنور البصيرة حتى يصلوا لمقصدهم و كذا ربتهم على العزلة حتى يكون متنزهين عن الضغائن وأمراض المجتمعات وحتى يروضوا أنفسهم على اقتحام المشاق وكذا ربتهم على الزهد ليكون الفرد منهم مستغنياً عما في أيدي الناس و ربتهم على الكرم و العطاء و على المسامحة حتى إذا أدرك الفرد منهم هذه الصفات و الخصال صار يمتلك خصال الداعية الناجح و أصبح ذو تأثير على من حوله.
و تبيانا لآداب هذه الطريقة وبيانا لتعاليم هذا المنهج السلوكي التربوي الذي غايته السير إلى معرفة الله ونيل رضاه جل وعلا نذكر نصائح الشيخ المربي عبد الباقي المكاشفي.

النصيحة الأولى
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ذي الطول الصميم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه ذوي القدر الشميم، وبعد:
فمن المتصل بأعذاره، إلى عالم جهره وأسراره، عبد الباقي عمر أحمد المكاشفي، وإلى كافة عباد الله المؤمنين، الذين يقبلون النصيحة، وخصوصاً من أنتسب إلى طريق القوم، الذين هم خالون عن اللوم، من مريدين ومقاديم و مشايخ: أيها الأخوة إنني لست بأفضل منكم، بل غبار حذائكم، ولا أزكى نفسي، ولكن ينبغي لمدير الكأس، أن ينهي الجلاس، عن التكالب على الدنيا، لأنها ليست من شئون الطائفة الجنيدية، التي هي صفة من كنه الأخيار، تدثرت حلل الأنوار، وصحت معاملتها مع مولاها، وكشف لها واقع الأنوار وأراها، وصارت مقبلة عليه، ونبذوا الدنيا وراء ظهورهم، وعملوا لتوسيع قبورهم بالعمل الخالص، فكيف بنا نحن وقد صار تعبنا إلى بطوننا، والقلوب اشرأب عليها سحائب الران، ومع ذلك تعلمون علماً محيطاً أن الدنيا كالسراب يحسبه الظمآن ماء، حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً، وأنها لم تزن عند الله جناح بعوضة، وقد ذمها الله تعالى: {ما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو}، ومع ذلك ضمن لنا الرزق، ولم يضمن لنا الجنة، قال تعالي: {فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون}. وقد علم لديكم أن الإنسان إذا ركب الريح، لركب الرزق البرق ولحقه، وقد قسمه الله على ثلاثة أقسام: قسم لأعدائه يتمتعون به، وقسم للمتقين يتزينون به، وقسم للمؤمنين يتزودون به، فما لكم إلا الزاد، فهيا بنا إلى عمل الآخرة، فأن الدنيا عن قريب تمس بنا سافره، فما لي أراكم معرضين عن دار الكرامة، ومقبلين على دار المصائب والندامة، {كلا سوف تعلمون ثم كلا سوف تعلمون} هيهات بين دار المتقين مع دار الظالمين، فينبغي لنا أن نجعل همنا في الله، عسى ولعل أن يكفينا سائر الهموم، وأن نجعل القناعة شعارنا ودثارنا، لأن من تمسك بها سما إلى ذروة المجد، قال تعالى مادحا القناعة: {من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة} وقد أجمع المفسرون على أنها القناعة، وفي التوراة: القانع غني ولو كان جائعاً، فما دام أنتم منتسبين إلى هذا المقام، فلا تدنسوا دينكم بنيران الحطام، وإياكم والتواضع لأبناء الدنيا وقد ورد أن من تواضع لغني، ذهب ثلثا دينه، وأنهاكم عن الكذب والغيبة والنميمة وشهادة الزور وقذف المحصنات والنظر إلى المحارم، فإن من ملأ عينه من محرم ملأها الله من حميم جهنم، والعياذة بالله، وأحذركم من اللغو والجدال والاشمئزاز والكبر والبطر والخلابة والبخل وكل ما ينهى الشرع عنه، وأحثكم على تقوى الله والشفقة على خلقه وخفض الجناح ولين الجانب وتوقير الكبير وابتداء السلام والتوسط في كل أمر والرضا بما أراد الله والوقوف عن كل ما نهى عنه خصوصا مخالطة النساء، وعليكم بالتأثير فإن القوم كان دأبهم التأثير، وعليكم بالجار ولو ذمي فتحملوا أذيته، وإياكم والوقوف على أبواب السلاطين والتطلب منهم، ولا تشكوا أمر لغير الله قط، فإن الله يوكل العبد إلى نفسه، ما دام يشكى لغيره، وحسنوا ظنكم في الله، وعليكم بالنوافل من صلاة الليل، والاستغفار ولو ألفا، وقد ورد: من أستغفر سبعين مرة كتب من المستغفرين بالأسحار، والصلاة الأنسية والتهليل، ليكن دأبكم الحديث: من كان أخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة.
والدكم: عبد الباقي عمر أحمد المكاشفي
النصيحة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي حمد ذاته بذاته ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، معدن سره ومهبط هباته، ورضي الله تعالى عن صحابته الأكرمين، الذين قاموا بأعباء الدين، وأسسوا دعائمه وتحملوا مشقاته، وعن الأئمة التابعين المهدين، الصوفية الصلحاء العلماء العاملين لوجه الله رب العالمين.
فأقول وأنا الفقير العبد المفتقر إلى الله، عبد الباقي عمر أحمر المكاشفي:
أما بعد فإلى كافة عموم المشايخ والمقاديم والمريدين الصادقين: أعلموا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الدين النصيحة، فقالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولرسوله ولجماعة المسلمين، وعليه أوصيكم بتقوى الله تعالى، وإتباع الكتاب والسنة، وملازمة الأذكار، والأكل من الحلال، أخدموا لدينكم، ولا تكلفوا الناس، وأعلموا يقينا أننا عبيد الله، تجمعنا الطاعة، وتفرقنا المعصية، وعليكم بملازمة الأوراد والعزلة والجوع، فإن البطنة تذهب الفطنة، وإياكم والمزاح، فإنه بذرة العداوة، واستعينوا بالصبر في كلا الحالتين الشدة والرخاء، وعليكم بمواساة الإخوان وحسن المعاملة مع الجار وإكرام الضيف والحب والبغض في الله، وعليكم بترك الحقد والحسد، فإنهما يأكلان الحسنات كما تأكل النار الحطب، وأوصيكم بالزهد والورع وترك الغيبة والنميمة، وإياكم وسفاسف الأمور، وعليكم بالعفاف، تكونوا عراف، واجتنبوا مخالطة النساء فإنهن حبال الشيطان وشركه الذي لا يخطي ، وقد جاء: (ما خلا رجل وامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما)، وقال صلى الله عليه وسلم: "عفوا عن نساء الغير تعف نساؤكم" وقال: "إن المؤمنين كالبنيان المرصوص يشد بعضه البعض"، وقد جاء أيضاً: "إن المؤمن مرآة أخيه"، فسيروا بسير سلفكم الصالحين وأوليائكم الناصحين، وأعلموا أن أصل الطريق الأدب والتواضع والانكسار لله لا لعلة أخرى، ومتى خلا المريد والشيخ والمقدم من الأدب فأنه من الصواب بمعزل، وكونوا رحماء بينكم، فليكرم صغيركم كبيركم، وليرحم قويكم ضعيفكم وغنيكم فقيركم، فإن الراحمون يرحمهم الرحمن، وعلى المريدين الصادقين أن يتأدبوا مع الله بترك محارمه، ومع الرسول بإتباع ملته: (قل إن كنتم تحبون الله فأتبعوني يحببكم الله)، ومع المقاديم والمشايخ فيما يأمرونهم به من الخدمة وآداب الطريق، فان خدمة الإخوان أصل في طريق الرحمن، وعليكم بالصبر والزكاة والصيام والحج إن استطعتم إليه سبيلا، وعليكم بجهاد النفس لأنه الجهاد الأكبر، وأوصيكم أحبابي فادفنوا وجودكم، تنبتوا نباتا حسنا، ومتى خلا المريد من الأدب فأنه لا يشم رائحة الطريق، فحسنوا ظواهركم بالأدب، وبواطنكم بالتقوى، وتزودوا فإن خير الزاد التقوى، وأوصيكم بصلة الأرحام فإنها منعمة في الأجل، والزموا بر الوالدين، واتقوا الله في النساء فأنهن ودائع الله عندكم، قال صلى الله عليه وسلم: "أكثركم إيمانا أكثركم إحسانا إلى أهله"، وأعلموا أن المريد بلا أدب، كالنبات بلا ثمر، طالما ذكرتكم فلم تنفع الذكرى، قال تعالى: {وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين}، وكثيراً ما قلت فلم أر لقولي أثراً ولا لنصحي متحصلاً، قال تعالى: {وتعيها أذن واعية} وفيم التهاون بأمر الله ورسوله، والتكالب على الدنيا وحب الراحة، وعن قريب يصير الواحد منكم ترابا، وتعود الديار خرابا، وأوصيكم بالسمع والطاعة لولاة الأمور منكم، وأداء ما لهم عليكم وأرجو أن تصغوا لقولي وتعملوا بنصيحتي، حتى أرى لها أثراً ونتيجة تحمد عاقبتها، وإنني أتبرأ من حولي وقوتي، وأعتصم بحول الله وقوته، وأساله العفو والمغفرة، وأساله أن يكون آخر دعواي أن الحمد لله رب العالمين.
والدكم: عبد الباقي عمر أحمد المكاشفي
النصيحة الثالثة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي هدانا لهذا، وما كنا لنهتدي لو لا أن هدانا الله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي الأواه، وعلى آله وصحبه وجميع من والاه.أما بعد:
فيا أيها الأخوان المشايخ والمقاديم والمريدين، أحبابي بعد السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته لديكم أوصيكم بتقوى الله تعالى، فأنها باب السعادة ومفتاح الوصول إلى الله عز وجل، وهي أن تفعلوا ما أمر، وتجتنبوا ما نهى عنه، أما الذي أمركم به فالقيام بالصلوات الخمس في أوقاتها بشروطها وآدابها، ودفع الزكاة للفقراء والمساكين، وهي قرينة الصلاة، ومن لم يعط الزكاة لن تقبل صلاته، وهي في المواشي والنقود بمرور الحول، وفي سائر الحبوب بالحصاد، والتوجه للحج للمستطيع القادر، وكذلك صيام شهر رمضان. هذا ما أمر الله به، أما ما نهى عنه فترك الصلاة ومنع الزكاة وشرب الخمر والربا وقذف الحرة وإيذاء المسلمين باللسان وغير ذلك. هذا ما أوصيكم به، فبتقوى الله فاز من فاز، وبتركها هلك من هلك، ولكم عبرة وموعظة بما جرى في الأمم الماضية والقرون الخالية، وكل ذلك مذكور في القرآن العظيم، ثم أوصيكم أحبابي بالأدب ظاهراً وباطناً مع الله وأوليائه وعامة الناس، بالتخلق بأخلاق المصطفى صلى الله عليه وسلم، وللمريدين آداب خاصة بالطريق، من لم يقم بها لم ينل شيئاً، كالقيام بحق الشيخ وحق الذكر وحق الأخوان وحق العامة، فأما حق الشيخ فطاعته في جميع ما أمر، وترك كل ما نهى عنه، ظاهراً وباطناً في الغيبة والحضور، امتثالا لأمر الله تعالى، لأن الشيخ خليفة الله ورسوله في الأرض، ومنهما يتلقى عنهما ما شاء الله، وإن كنتم لا تدرون، فعليكم بحب الشيخ حباً خالصاً، لأن حب الشيخ هو الطريق لوصول المدد إلى قلب المريد، لإجلاله وتوقيره على وجه الكمال. أما القيام بحق الذكر فالطهارة الحسية والمعنوية، من الحدث والخبث والرياء والغيبة وسائر العلل القادمة، وينبغي أن يكون الذكر حبا في الله لا لغرض من الأغراض الدنيوية أو الأخروية، وعلى الذاكر أن يلاحظ صورة الشيخ لأنها تطرد الشيطان الرجيم، وعليه أيضاً أن يتدبر معنى الذكر في ذهنه فمعني لا إله إلا الله لا معبود بحق إلا الله، وأما القيام بحق الأخوان فالمحبة والمباسطة وحسن اللقاء والبشاشة والإيثار بكل شيء، وحفظ مقام كل واحد بما منحه الله تعالى، وفي حالة البعد عنكم بإرسال الجوابات بالسلام والدعاء بظهر الغيب، فإنه مستجاب كما في الحديث، وعليكم بنشر فضائل إخوانكم، وستر عيوبهم، وكذلك التهادي فإنه الهدية تغرس الود في الصدور، والتعاون على أسباب العبادة ووجوه الذكر مثل السبحة والإبريق، أما القيام بحق العامة فإفشاء السلام وبذل الطعام والنصيحة والشفقة وكف الأذى وعدم التكبر وأسباب البغض والشحناء، قال سيدي عبد القادر الجيلاني قدس الله ثراه: ما نلت هذا المقام بصيام أو قيام، ولكن نلته بالكرم والتواضع وسلامة الصدر واحتمال الأذى. وقال أيضاً أعاد الله علينا من بركاته: من وقر كبير المسلمين ورحم صغيرهم يرافقني في الجنة. وفقنا الله والجميع للطاعات وعصمنا من المخالفات، وعاملنا بحلمه وكرمه، إنه سميع الدعوات، آمين.
والدكم: عبد الباقي عمر أحمد المكاشفي
النصيحة الرابعة
بسم الله الرحمن الرحيم
{يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله حق تقاته} و{اتقوا الله ما استطعتم} ومن قول الحديث: من يتكفل لي ما بين لحييه ورجليه أتكفل له بالجنة، والسنة شاهدها لا يخفى عليكم، ثم أوصيكم بصيام شهر رمضان، وإياكم والرخص والتي هي من تبعها رخص، وأوصيكم بزكاة الفطر خمسة أرطال وثلث قبل الصلاة، وأوصيكم بالزكاة لأن الصلاة لا تقبل إلا بعد الزكاة، وقد يضرب بها وجه صاحبها كالثوب الخرق يوم القيامة، وقد جاء النص في القرآن الكريم: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة}، الحديث: "ما من أحد ملك غنماً أو بقراً أو إبلاً ولم يزكها إلا جاءت يوم القيام أقوى منها في دار الدنيا لها قرون تنطحه بقرونها وتدوسه بأظافرها وهو يستغيث ولا يغاث ثم تصير سباعاً وذئاباً تعاقبه فـي النار، وأعلموا أن مـانع الزكاة لا يقبـل الله منـه صرفاً ولا عدلاً ولا حجاً ولا صدقة ولا مواصلة رحم، وهو مطرود من رحمة الله سبحانه وتعالى، ومانع زكاة الغنم يحمل يوم القيامة شاه ولها رغاء كالرعد، وثقلها يعدل الجبل العظيم، ويخوض العرق حتى يدخل نار جهنم، ومانع زكاة البقر يجعل الله بقرونها نارا، فتنطحه بقرونها وتدوسه بأظافرها فيندم ولا يفيد الندم، ويقول يا ليتني لم يكن عندي بقراً، ومانع زكاة الإبل يجعل الله لها قرون فتنطحه، وتطأه باخفافها حتى تلصقه على الأرض، ويقول يا ليتني لم أك بشرا، ومانعو زكاة الذهب والفضة تكوي بها جباههم وجنوبهم وظهورهم ويطوقون بها في رقابهم بها نار، وأوصيكم بالجار واليتيم ومواصلة الأرحام، لأن الرحـم ينطق يوم القيامة بلسان فصيح ويقول: إن فلان قطعني فأدخله في النار، وفلانا وصلني فأدخلـه الجنة. وأوصيكـم بتارك الصلاة لا تأكلـوا معه لينا ولا يابسا ولا تزوجوه ولا تقضوا حاجته لأنه أبعد ما يكون من رحمة الله تعالى، وقال تعالى: {إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون}، وقد حلف الله بعزته وجلاله أن شارب الخمر إن لم يتب منها، لأسقينه من طينة الخبال، وهي عصارة أهل النار من القيح والصديد، وإن تاب منها حلف الله أن يسقيه من حظيرة القدس، قيل وما حظيرة القدس؟ قـال: أعلى الجنة. وأوصيكم ببر الوالدين فإنه مـن أعظم القربات: {وقضي ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا}، وأعلموا أن بين البار لوالديه وبين الأنبياء في الجنة درجة واحدة، وبين العاق لوالديه وبين إبليس في النار درجة واحدة، لأن حقهما واجب شرعا، ومن لم يرضهما لم تنفعه صلاته وصيامه وحجه وعمرته ولا صدقته ولا جهاده حتى يرضيهما، وأوصيكم بأولادكم ونسائكم وأمروهن بالصلاة والصيام والذكر وقيام الليل ونوافل الخير، وأحذركم من الغيبة والنميمة والكذب وشهادة الزور وقذف المحصنات ومجالس السوء والضلال، فإن الطبع يسرق الطبع والعبد لا يدري. وأحذركم من مجالس السوء لأنها كالكير إن لم يحرقك بناره علق فيك رائحته. وأوصيكم بالاستغفار في الأسحار، وزيارة الصالحين والأخوان في الله وعيادة المريض وتشييع الجنائز وإكـرام مداح خير الأنام بالاحترام والفـراش والطعام والهـدية علـى حسـب ما استطعتم، وتفقدوا فـي الليل والنهار ضعفاءكم، والراحمون يرحمهم الرحمن، أرحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء، وأوصيكم بالشفقة على الخلق، فإن من بات شبعان وجاره جائع فإنه أكبر محنة، وأوصيكم أخر المجالس بـ: (سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، عملت سوءا وظلمت نفسي، فأغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت). وأوصيكم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في مجالسكم، وقد ورد: ما من مجلس يصلى فيه على النبي صلى الله عليه وسلم، إلا خرجت منه رائحة طيبة، تبلغ عنان السماء فيقولون هذا مجلس صلى فيه على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وما من مجلس لا يصلى فيه على النبي صلى الله عليه وسلم إلا تفرقوا عن أنتن من جيفة حمار. هذه وصيتي لكم أحبابي، وقد أنصحكم وليس بعد الإنذار مـن ملام، وإني لمسئول عنكم غدا بين يدي الله تعالى، فأقول: يا إلهي وسيدي قد أعلمتهم ونصحتهم، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، وبالله التوفيق.
والدكم: عبد الباقي المكاشفي
النصيحة الخامسة بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله له الغني المطلق، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق وعلى آله وصحبه الفائزين بالمقام الأسبق. أما بعد:
فإلى كافة الفقراء وخصوصا المشايخ والمقاديم والمريدين، أحبابي بعد السلام عليكم ورحمة الله تعالي وبركاته، أوصيكم بتقوى الله تعالى، وأحذركم عن المعاصي وأحثكم على صلاة الجماعة والراتب صباحاً ومساء، والعدد في السحر والصمت والعزلة وترك الغيبة والنميمة وعدم التواضع للأغنياء وأولياء الذوات، وقال صلى اله عليه وسلم: "من تواضع لغني ذهب ثلثا دينه"، وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: لأن أقع من فوق قصر فأتحطم أحب إلى من مجالس الأغنياء، لأني سمعت رسول الله صلـى الله عليه وسلم يقول: إياكم ومجـالس الموتى، قيل: وما مجالس الموتى يا رسول الله؟ قال: الأغنياء، المراد بهم ميتو القلوب بذكر الدنيا، ولن يحصل لكم شيء إلا ما كتب الله لكم في الأزل، وعنه صلى الله عليه وسلم قال: مفتاح الجنة الجوع ومفتاح النار الشبع، وعليكم بذكر الله سراً وعلناً، وإن الغيبة والنميمة مبعدات عن الله، والنظر إلي محارم الله حرام شرعاً، وقد حكي عن بعض العارفين قال: إذا رأيتم الرجل لم يقنع بما عنده، ولم يصبر على ما قسم له الله، فأعلموا أنه قد هلك في وادي الغضب والبوار، فما دمتم كذلك وأنتم منتسبون إلى أهل الله فعار عليكم تطلب أبناء الدنيا، وعليكم بمواخاة أبناء الآخرة، والتخلق بأخلاقهم والمزاورة في الله، وإن الأخ إذا جاء إلى أخيه زائر فليكرمه بجرعة ماء أو بليلة، فمن نبش أخيه بعد هذا فليس له نصيب في الطريق، لأن هذا طريق الله ورسوله، وإذا شتمكم أحد فتحملوا أذيته، وألينوا له القول، وأميتوا له نفوسكم، قال صلى الله عليه وسلم: موتوا قبل أن تموتوا، وأعلموا أن الموت علي أربعة أقسام: أسود وأبيض وأحمر وأصفر، فالأسود تحمل أذية الخلق، والأبيض الجوع، والأحمر مخالفة النفس عن هواها أي المعصية، والأصفر الرضا بالكسوة ولو شملة. وبعد هذه الأربعة تقطعوا العقبات، ويصير عندكم الحلو والمر سواء، وترتاحوا الراحة الأبدية، وتذوقوا اللذات السرمدية، ويحصل لكم الفتوح، وفقني الله وإياكم على كل خير، فهذه نصيحتي لجميع المحبين و السلام عليكم.
الفقير لله عز وجل والدكم عبد الباقي عمر أحمد المكاشفي
النصيحة السادسة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما بعد:إلى كافة المريدين والمشايخ والمقدمين أوصيكم بالحضور في الذكر وعدم الغفلة، والتماسك باليدين وإذا دخلتم في الذكر فأدخلوا أربعة لا يزيدون على ذلك، بإطراق الرؤوس والخشوع لله، والنساء بعيد عنكم، وخصوصا الزغاريد لا تكون بل ممنوعة البتة، الحديث: "باعدوا بين أنفاس الرجال والنساء" وإياكم والنظر إليهن، والذين يريدون أن يجتمعوا معهن، فعملهم محبوط، والله جل شأنه لا ينظر إلى عمل أشرك فيه غيره، فاذكروا الله بصدق يذكركم بفضله ونيله وجزيل عطائه في دار ثوابه.
والدكم: عبد الباقي عمر أحمد المكاشفي
النصيحة السابعة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي جعل لكم من الماء كل شيء حي، والصلاة والسلام على النبي، وعلى آله ومن تبعهم بإحسان إلى يوم يطوي السماء طي، أما بعد:
إلى كافة الأحبة أعلموا أن أجر الماء من أعظم الأجور، وأن ساقي الماء غداً له عند الله منزلة عظيمة، الحديث: "تمنى جبريل عليه السلام أن ينزل من السماء ليسقي الماء ويصلح بين المتشاحنين"، وورد من سقى الماء كافرا كأنما صام سنة ، ومن سقى مؤمنا كأنما صام سبعين سنة ، وورد من سقى الماء مؤمناً أظله الله في عرشه يوم الحشر يوم لا ظل إلا ظله، وأن منفق الذهب والفضة لا يساوي ساقي الماء والطعام، فهيا بنا إلى طريق الرشاد، وهـيا بنا إلى طريق نيل المراد، طوبى لمن خلص عمله إلـى الله، فبشراكم وبشراكم بنص قوله تعالى :(إنا لا نضيع أجر من أجسن عملا)

والدكم: عبد الباقي عمر أحمد المكاشفي
النصيحة الثامنة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
أما بعــد:
فإلى كافة عباد الله المؤمنين الذين تجب عليهم الزكاة: أحبابي، إن الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه العزيز: {أقيموا الصلاة وأتوا الزكاة} فإن الرجل إذا صلى ولم يؤت الزكاة فلا صلاة له، ومن صام ولم يؤت زكاة الفطر فصيامه معلق بين السماء والأرض، وإن مانع الزكاة من الغنم يحمل يوم القيامة شاه على ظهره، لها رغاء وثقل يعدل الجبل العظيم، ومانع زكاة البقر تكون أحسن ما يرغب في دار الدنيا فتنطحه بقرونها حتى يقضي الله في الحساب، ومانع زكاة الإبل يجعل الله في محله زلقة فتطاه بأخفافها حتى يلصق على الأرض وهكذا في العذاب إلى أن يقضي الله سبحانه وتعالى من الحساب، ومانع زكاة الذهب والفضة يطوق بهما في رقبته كالثعبان، وينادي بالويـل والثبور حتى يقضي الله تعالى مـن الحساب. فيا أيها المغرور، أتظن الدنيا دار سرور، بل دار غرور، قشور وكدور، فأوصيكم بتقوى الله والقناعة وطاعة الله في السر والعلن وذكر الله، لأن الذاكرين لهم عند الله شأن عظيم، وذلك فـي الفضل كالشجرة الخضراء في الشجر اليابس، وأوصيكم بمحبة بعضكم ومواصلة الأرحام، وأنهاكم عن الغيبة والنميمة والكذب فإن الرجل يكذب حتى يكتب عند الله كذابا وتحروا الصدق فإن الرجل يصدق حتى يكتب عند الله صادقا، وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تهب ريح على أهل النار فيقولون ما رأينا أشر من هذه الريح فيقال لهم: هذه ريح الذين يغتابون الناس في الدار الدنيا" وعليكم بإكرام الضيف بحسب ما يوجد ولا كلفة، الحديث: "أنا وأتقياء أمتي براء من التكلف"، وقد أنصحتكم والله يسألني عنكم يوم القيامة فأقول يا رب أنصحتهم بكتابك وقول رسولك والسلام
والدكم : عبد الباقي عمر احمد المكاشفي
النصيحة التاسعة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله المغني لمن ارتجاه، وقصد بابه ورفض ما سواه، والصلاة والسلام على محمد مصطفاه، ومن تبعه إلى يوم لقاه، أما بعـد:
إلى كـافة المريدين الذين يرغـبون ما عند الله ورسوله: أحبابي، إن الرزق بيد الله ليـس لأحد أن يرزق، وليس لأحد أن يضر أحدا، ولا أحدا، أن ينفع أحد غير الله، ومن التجأ لغير الله فقد خسر خسراناً مبينا، وقد غطى على قلوبكم الران وضعف منكم الإيمان، في معنى الحديث: "من جعل الدنيا همه شتت الله شمله وفرق أمره وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما قسم له في الأزل ومن جعل الآخرة همه جمع الله شمله وجعل غناه في قلبه واتته الدنيا راغمة، وقد سمعت من بعض المشايخ المباركين على أيدينا قولا فظيعا يشيب منه الوليد، ويلين منه الحديد، حيث لم يرض بالقسمة الأزلية، ولم يحسن ظنه في رب البرية، ومع هذا تُدْعَوَْنَ المُرِيدُونْْ، وفي بعض الكتب: بعد ثلاث إذا قال أنا جائع فالزمه السوق، وأما تعبكم لأولادكم بالكسب الحرام الباطل فيتبرءون منكم يوم القيامة ويقولون: آباؤنا قد أكلونا الحرام، فخافوا الله واقنعوا واكدحوا بأيديكم، في الزبور: حرك يمينك أعينك، وما حملني على هذا إلا أنكم لم تعذروا أحد ولو زائراً، فأنتم ليسوا من الفقراء وما هكذا حال الفقراء، قال تعالى: {الفقراء الذين أحصروا فـي سبيل الله لا يستطيعون ضربا فـي الأرض يحسبهم الجـاهل أغنياء مـن التعفف} فيا لها من مزية، فمن صبر معنا يأتيه رزقه، ومن لم يصبر فنحن مصرحون له حيث لم يقبل عذراً ، الحديث: "من اعتذر إلى أخيه ولم يقبل يأتي يوم القيامة على الحوض ولم يقبل الله عذره"، وأستغفر الله لي ولكم والسلام.
كاتبه الفقير إليه جل وعلا : عبد الباقي عمر احمد المكاشفي


و قال سيدي الشيخ عبد الباقي المكاشفي موضحا شروط المريد:
(ينبغي للفقير أن يكون جوال الفكر، جوهري الذكر، جميل المنازعة، قريب المراجعة، لا يطلب من الحق إلا الحق، ولا يتميز إلا بالصدق، أوسع الناس صبراً، وأقل الناس ضجراً، ضحكه تبسم، وإستفهامه لله تعلم، كثير العطاء، قليل الأذى، شاكـراً للغافل، معلمـاً للجاهل، لا يؤذي مـن يؤذيه، ولا يخوض فيما لا يعنيه، ورعاً من الحرمات، متوقفاً عن الشبهات، عوناً للغريب، أباً لليتيم، مشغولاً بفكره، مسروراً بفقره، لا يكشف سراً، ولا يهتك ستراً، حزنه في قلبه، وبشره فـي وجهه، تأمن بـواثقه الجيران، لا سباباً ولا مغتاباً، ولا عجولاً ولا حسوداً، لطيف الحركة، تامي البركة، سخيـاً بالفائدة، طيب الأعراق، حسن الأخلاق، لين الجانب، جميل النعت، حليماً إذا جهل عليه، صفوحاً عمن أساء إليه، لا يكون عنده جحود، ولا لنار الحق خمود، لا كفوراً ولا حقـود، يجل الكبير، ويـوقر الصغير، أميناً في الأمانة، بعيداً عن الخيانة، خلقه الحياء، إلفه التقى، حركاته أدب، وكلامه عجب، ولا يذكر أحداً بغيبة، ولا يشمت بمصيبة، وقوراً راضياً، شكوراً وصابراً، ثابت الجنان، يحتفل بالضيفان، ويطعم ما عنده كان، لا عجولاً، ولا ملولاً، ولا غفولاً، ولا ذمـاماً، ولا نماماً، ولا عياباً، له قلب حزون، ولسان محزون، وفكراً يجول فيما كان وما يكون).
هدانا الله لهذه الأعمال والأخلاق، وحققنا الله بالانتصاب لعظيم هذا الجناب وسهل لنا الانتساب وأرشدنا إلى سبيل الرشاد ببركة من قال هذه الشروط والآداب سيدنا الشيخ عبد الباقي المكاشفي رضي الله عنه ، وببركة طريقته وقومه، وجعلنا من المحببين فيهم والمحبوبين لديهم، وأعاننا على ذلك، إنه سميع مجيب.
الطريقة: مصطلح تعارف عليه أهل التصوف المكاشفية: نسبة إلى سيدنا الشيخ عبد الباقي المكاشفي رضي الله عنه القادرية: نسبة إلى سيدنا الشيخ عبد القادر الجيلاني البغدادي رضي الله عنه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق